دروس في الكتاب المقدس الخلاص

الخلاص

ان موضوع الخلاص مرتبط ارتباطا وثيقا بموضوع الولادة الجديدة. فبينما تتعلق الولادة الجديدة على الخصوص بضرورة الحياة الروحية ومصدرها وطبيعتها - الأمور التي يحتاج إليها جميع الناس من الله - فإن كلمة "خلاص" تشير إلى نتائج ومجال الإنقاذ الذي أعده الله في المسيح. وفي ما يلي نبحث في سبعة أمور تتعلق بالخلاص.

1- تعريف الخلاص:

تعني كلمة الخلاص مجرد الإنقاذ، وتستعمل عادة لوصف العمل الذي به ينقذ شخص من خطر يهدده. نقول أن شخصا خلص من الغرق، أو من الحريق الخ. وفي كل حالة يسلم بثلاثة أمور:

أ) إن الشخص المحتاج للخلاص كان في خطر الموت.

ب) إن أحدهم رأى الخطر المحدق بذلك الشخص وذهب لإنقاذه.

ج) إن المنقذ نجح في مهمته وأنقذ ذلك الشخص من ورطته الخطرة وهكذا "خلصه".

فالكلمات "يخلص” و "خلص" و "مخلص" و "خلاص" تستعمل مرات كثيرة في الكتاب المقدس ولها تماما نفس المغزى في معنى روحي.

2 - ضرورة الخلاص:

إن ضرورة الخلاص ناجمة عن حقيقتين ينبغي أن يوجههما كل شخص:

1. حقيقة خطيئة الإنسان. لقد بحثنا في درسنا السابق الحالة الروحية لجميع الناس من الناحيه الطبيعية، وأشرنا إلى أن كل كائن بشري يأتي إلى العالم وفيه طبيعة خاطئة تجعله خاطئا بالولادة. وهذه الطبيعة الخاطئة تظهر مع الزمن بالأفكار والأقوال والأعمال الخاطئة وباتجاه العداوة لله. والكتاب المقدس يوضح هذا بجلاء تام (رومية12:5و18 رومية16:6 و 19 رومية5:8 و 8؛ تكوين5:6؛ افسس1:2-3؛ 2كورنثوس3:4 و4؛ أشعياء6:53؛ أرميا9:17؛ مرقس20:7-23؛ رومية21:1-23؛ 19:3-23) . فيتضح للجميع من آيات الكتاب المقدس هذه أن الإنسان:

أ) خاطئ يحتاج إلى الغفران.

ب) ضال يحتاج إلى أن يوجد.

ج) محكوم عليه بالموت يحتاج إلى الإنقاذ.

د) مذنب يحتاج إلى العفو.

ه) ميت روحيا، يحتاج إلى الحياة.

و) أعمى يحتاج إلى الإنارة.

ز) عبد يحتاج إلى التحرير. وهكذا فإن الإنسان عاجز بالكلية عن تخليص نفسه بنفسه.

2. حقيقة بر الله. إن الله قدوس، ولا بد أن يعاقب على الخطيئة وقد أعلن الله كراهيته للخطيئة، وحكمه على جميع الذين يموتون في خطاياهم، وهذا يعني النفي الأبدي من حضرة الله (يوحنا21:8 و 24؛مرقس43:9-48؛لوقا22:6-31؛ يهوذا11:20-15؛ رؤيا11:20-15). فالنتيجة الواضحة هي هذه: ما دام الإنسان خاطئا، وما دام الله باراً، فإن الإنسان يحتاج إلى الإنقاذ أو الخلاص من عقوبة خطاياه وينبغي أن يصرخ "ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص"؟ (أعمال30:16 و31).

3 - تدبير الخلاص:

إن الإنجيل هو الخبر العظيم بأن الله ، بنعمته العجيبة، قد أعد بسخاء هذا الخلاص بشخص ابنه الحبيب وعمله. ويعلمنا الإنجيل بوضوح أمرين:

1. إن المسيح جاء ليخلص الخطاة (متى21:1) إن ابن الله الأزلي والمساوي للآب والروح القدس صار جسدا ليعد الخلاص (يوحنا16:3 و17؛ مرقس45:10؛ متى12:9 و13؛ يوحنا11:10 و15-18).

2. إن هذا الخلاص قد أعد بموت المسيح وقيامته لمرضاة الله التامة. فعندما علق المسيح على الصليب بإرادته أخذ على عاتقه المسئولية التامة لذنوبنا وخطايانا فحمل خطايانا في جسده الخاص ومات كذبيحة عوضا عنا نحن الخطاة وهكذا حلت عليه كل دينونة الله على الخطيئة ووفيت بالتمام جميع مطالب الله العادلة المترتبة على الخاطئ. وقد أظهر الله قبوله التام لذبيحة المسيح هذه بإقامته من الأموات وإجلاسه عن يمينه (1كورنثوس1:15-4؛ 2كورنثوس21:5؛ 1بطرس24:2؛ أشعياء5:53؛ رومية6:5-9؛ أعمال10:4-12؛ 31:15؛ 31:17).

4 - شرط الخلاص:

ما دام المسيح قد أكمل بذبيحة نفسه كل العمل المطلوب لخلاص الخاطئ فماذا ينبغي أن يعمل الخاطئ ليختبر هذا الخلاص؟

1. ينبغي أن يتوب. وتشمل التوبة فقط تغيير الذهن الذي ينشأ عن تغيير في الموقف تجاه الخطيئة والنفس والمخلص والخلاص. وهذا بدوره يظهر بتغيير في العمل (لوقا3:13؛ أعمال31:17؛ 21:20) فتتحول لامبالاة الخاطئ إلى رغبة ملحة للخلاص وكبرياؤه إلى تواضع واعتداده بنفسه إلى اعتراف صريح بحالة عجزه وبؤسه واستحقاقه لجهنم.

2. ينبغي أن يؤمن بالإنجيل أي بشهادة الله عن شخص وعمله (1يوحنا9:5-10)‘ وكخاطئ هالك أثيم ينبغي أن يؤمن أن المسيح مات عنه شخصيا وأن المسيح حمل خطاياه وأخذ مكانه وبموته أكمل جميع العمل المطلوب لخلاصه (رومية5:4).

3. ينبغي أن يقبل الرب يسوع المسيح بمحض إرادته كمخلصه الخاص شخصيا ومن ثم يعترف به كرب حياته الأوحد (يوحنا12:1؛ رومية9:10و10؛ يوحنا16:3؛ 24:5؛ 47:6؛ أفسس13:1) هذا هو العمل الحاسم. أفلا تريد الآن أن تقول من كل قلبك "أيها الرب يسوع المسيح أعترف أنني خاطئ أثيم هالك ولكنني أومن بأنك حملت خطاياي ومت عني على الصليب. فأنا الآن أطمئن تماما لعملك الكامل، وأقبلك كمخلصي الخاص. ومن الآن فصاعدا سأعترف بك ربا وسيدا لحياتي".

هذا ما يعنيه "آمن بالرب يسوع المسيح" (أمثال31:16).

5 - يقين الخلاص:

كيف يمكن الإنسان أن يتأكد أنه مخلص؟ نجيب، دون أي تردد بواسطة كلمة الله. إن الله يعلن بوضوح أن كل نفس تثق بابنه تسامح، وتخلص، وتنال الحياة الأبدية، وتؤمن إلى الأبد (أعمال38:13؛ يوحنا12:2؛ أفسس8:2؛ 1كورنثوس11:6؛ 1يوحنا13:5؛ رومية1:5؛ 1:8؛ يوحنا27:10-30).

6 - مجال الخلاص:

الخلاص مظهر ذو ثلاث نواح: الماضي والحاضر والمستقبل .

1. الماضي. الخلاص من عقاب الخطيئة أو نتائجها. بما أن المسيح قد احتمل العقاب التام الناجم عن خطايانا فإن المؤمن قد أنقذ من عواقب الخطيئة المخيفة (يوحنا24:5؛ رومية1:8).

2. الحاضر. الخلاص من قوة الخطيئة أو سلطانها. بالنظر لسكنى الروح القدس في المؤمن وإعطائه طبيعة إلهية، يمكنه التمتع بالخلاص من سلطان الخطيئة في حياته (1كورنثوس19:6؛ 2بطرس3:1-4؛ رومية1:6-14). وهذا لا يعني أن المؤمن لا يمكن أن يخطئ - حاشا ، لأنه لا يزال يملك الطبيعة الشريرة المدعوة "الجسد"، بل يعني أنه بقدر ما يستفيد من الوسائل التي أعدها الله، لا تكون الخطيئة العامل المتسلط في حياته. وهذا الخلاص الحاضر يتوقف على: (أ) قراءة كلمة الله ودرسها وإطاعتها (2تيموثاوس15:2) (ب) كون المؤمن على اتصال دائم بالله بالصلاة (عبرانيين14:4-16). تسليم المؤمن جسده لله لحياة بارة ومفيدة (رومية3:6؛ 1:12-2). (د) الاعتراف فورا لله والابتعاد عن كل خطيئة معروفة (1يوحنا1:8-9؛ تيطس11:2-15).

3. المستقبل. الخلاص من وجود الخطيئة أو ارتكابها. سيحدث هذا عند مجيء المسيح ثانية عندما يقيم الأموات ويغير الأحياء حتى يكون لهم أجساد غير قابلة للخطيئة والفساد والموت. هذا هو المظهر الأخير للخلاص الذي ننتظره (عبرانيين28:9؛ 1 تسالونيكي13:4-18).